الثلاثاء، 10 يناير 2012

ياسر أيوب يكتب: أمير الانتقام والكرة المصرية

كنت ولا أزال أتمنى أن يكون سمير زاهر صادقاً فى دعوته للصفاء داخل جبلاية الكرة.. فالرجل عاد أمس الأول إلى مقعد الرئيس فى اتحاد الكرة بعد تعافيه وشفائه من أزمة طالت مع المرض والوجع.. وفى أول تصريحاته بعد العودة أكد زاهر أنه سيسعى لإزالة خلافات أفسدت كل شىء وإطفاء نيران كادت تحرق الجبلاية بأسرها.. لكننى لم أشعر بذلك ولا أحسست بأن زاهر عائد رافعا رايات السلام والهدوء والأمان والاستقرار.. وإنما تخيلته حسن الهلالى فى الفيلم الشهير أمير الانتقام يخرج من السجن ليقرر الانتقام وقطع رقاب كل من باعوه وخانوه وغدروا به، وسرقوا منه قوته وحريته وحبيبته..
وعلى الرغم من أن زاهر لم يزل يردد ويعيد نفس الكلام الجميل فإن ما بدأ يحدث داخل الجبلاية وحولها - الأخبار التى بدأ تسريبها والفضائح التى بدأ تجهيزها - كل ذلك يوحى بأننا نوشك على الفرجة والانشغال بمسرحية جديدة على مسرح الجبلاية يقوم ببطولتها رئيس وأعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة.. فسمير زاهر يريد استعادة عزمى مجاهد مديراً وإلغاء كل القرارات التى تم اتخاذها أثناء غيابه.. فهو يشعر بأن كل حلفائه خانوه ونقضوا معه العهود والوعود وقراءة الفاتحة.. ولهذا ستكون هناك ملفات قديمة يجرى قريبا فتحها وحكايات وأسرار بدأ إخراجها من الأدراج لتشويه صور الحلفاء السابقين.. وسنرى فى الفصل الثانى من المسرحية قصصا ووقائع جديدة تطال لجنة شؤون اللاعبين وخوافيها وملحقات بتعاقدات الرعاية واتفاقاتها وأموالها.. وبالطبع لن يقف الآخرون مكتوفى الأيدى وهم ينتظرون الموت والفضيحة والتشهير..

وهنا سيبدأ الفصل الثالث، الذى سنستمتع فيه بفضائح جديدة تخص لجنة الحكام، وكل الرحلات الكروية الترفيهية.. وأنا بالتأكيد واحد من قليلين لم يعودوا يستمتعون بهذا النوع من المسرحيات والأفلام والعروض الرخيصة المبتذلة.. لأنها قد تضمن مكاسب لأبطالها الذين يريدون المال بأى ثمن.. وتؤمن المتعة الزائفة والنشوى المؤقتة للجمهور فى الصالة بالفرجة على ممثلين تسقط عنهم ثيابهم وأعراضهم.. إلا أنها بالتأكيد ستكون خسارة فادحة للكرة المصرية، التى ستدفع وحدها ثمن كل ذلك من هدوئها واستقرارها وطموحاتها ومكاسبها الفنية والمادية والسياسية أيضا.. لأنه حينما يدير الكرة شخوص يملك كل منهم خناجر يريد غرسها فى ظهور زملائه لا أفكارا وأحلاما يريد بها المستقبل الأفضل.. وقتها سيسهل جدا تلاعب الأندية والإعلام بهؤلاء الذين يديرون الكرة.. فتسقط العدالة وهيبة الإدارة وكل القوانين واللوائح ستطؤها أقدام الجميع.. ويصبح من حق كل ناد المطالبة بما يوافق مصلحته وظروفه.. النادى الذى يريد إلغاء حظر التعاقد مع حراس مرمى أجانب.. والنادى الذى يريد أو لا يريد حكاما بعينهم لمبارياته.. والنادى الذى يريد اختطاف لاعبى أندية أخرى أو يمنع تلك الأندية من التعاقد مع لاعبين يريدهم.. وسيضطر اتحاد الكرة الموقر للاستجابة لكل ذلك، لأن كل ما يشغل رئيسه وأعضاءه الآن هو حروبهم الداخلية وصراعاتهم.. ولن ينشغل الاتحاد ولن يمتلك مسؤولوه الفرصة لإعداد الساحة لدورى محترفين فى حاجة لكثير من الوقت والفكر والإعداد والتغيير والشجاعة والحسم.. أو تشكيل رابطة الأندية التى ستعنى فقدان أعضاء الجبلاية كثيراً من نفوذهم ومكاسبهم وقواهم الكروية والإعلامية..

وبالتأكيد اتحاد فى مثل هذه الظروف والأحوال.. لن ينتبه أصلاً لدور سياسى كان من المفترض القيام به، وأقصد تشكيل اتحاد جديد للكرة فى دولة جديدة تهمنا استراتيجيا وأمنيا هى دولة جنوب السودان، التى طلبت من «فيفا» والاتحاد الأفريقى لكرة القدم معاونتها فى إشهار اتحادها وبدء نشاطها الكروى..

بل جاء وفد من الدولة الجديدة للقاهرة لزيارة الاتحاد الأفريقى دون أن تنتبه مصر كلها لذلك، ودون أن تهتم أيضا.. وكنت أتصور أن تكون مصر هى أول دولة تبادر بتقديم المساعدة والخبرة، وأن تستضيف هذا الوفد الجنوبى أثناء زيارته القاهرة.. لكن مصر غائبة ومرتبكة ومنكفئة على نفسها.. ودورها الذى كان من المفترض القيام به ستتولاه جنوب أفريقيا وإسرائيل ونكتفى نحن بعد قليل بالصراخ والعتب والبكاء والندم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق