الجمعة، 10 يونيو 2011

د. عبد المنعم عمارة يكتب: «عفاريت» مديرى الكرة مع «الشماريخ» وهبش الحكام

خدعوا أنفسهم قبل أن يخدعونا الكباتن «مديرو الكرة» فى الأندية الكبيرة، فقد صوروا لأنفسهم وصوروا لنا أنهم سيحصلون على الدورى بالزعيق ورفع الصوت وعدم احترام الحكام والجرى وراء الإعلام، يشتكون مع أنهم هم المعتدون، ولا ينقصهم سوى أن كل واحد منهم يشترى بعض الشماريخ ولا مانع من بعض الصواريخ التى تضرب فى الاحتفالات العامة فى مصر، وأيضا لا مانع أن يشقوا ملابسهم وأن يتهموا حكامنا الضحايا بأنهم اعتدوا عليهم وعلى جماهيرهم بالسب والشتائم من كل نوع، وهذا يذكرنى بالمثل الذى يقول «ضربنى وبكى وسبقنى واشتكى». ويذكرنى بالجانى الذى يجرح نفسه ثم يذهب لتحرير محضر فى قسم الشرطة، طبعاً كلامى فيه شىء من المبالغة، وبصراحة منذ سنين طويلة لم نر مثل أقوال وتصرفات مديرى الكرة بالأندية.

ما تعودنا عليه هو أن المدير الفنى أو المدرب العام هو الذى يقيم الدنيا ولا يقعدها، أما مديرو الكرة فتصرفاتهم عجيبة، فوظيفتهم ليس فيها أى نواح فنية، كله عمل إدارى حجز الفنادق، حجز الحجر، الاطمئنان على الإقامة المريحة للاعبين ومتابعة شؤون فريق الكرة، أما حكاية الأوفسايد أو ضربات الجزاء أو طرد اللاعبين، فلا دخل لهم فيها. هم يجلسون على الدكة فقط من أجل شىء واحد فقط هو أن يطلبوا تغيير اللاعبين أثناء المباراة وبناء على تعليمات المدير الفنى.
حضرات القراء..
عدم إيقاف المديريين الإداريين الآن، ونحن مازلنا فى البداية مهم قبل أن تستفحل الأمور وتصبح لدينا معارك مستمرة لا يغلبها غلاب، وأنا تعلمت فى ميدان كرة القدم أن أهم شىء يجب ألا يفعله المدير الفنى هو عدم إدارة أى حوار مع اللاعبين فى كل الظروف، وخاصة لو كان هناك هزيمة أو تعادل بطعم الخسارة، اسأل أى عالم نفسى عن ضرورة عدم فعل ذلك لأن اللاعب يكون فى قمة التوتر وكذلك الإجهاد والتعب ويكون التوتر النفسى فى أعلى درجاته، المدرب الألمانى الذى كان يدرب الإسماعيلى كان يفعل شيئاً غريبا لم نكن نفهمه فى حينه، فبعد المباراة مباشرة كان يطلب من اللاعبين خلع أحذيتهم ثم الجرى حفاة بطول الملعب وعرضه، واكتشفنا أن ما كان يفعله كان له تأثير نفسى فى تقليل التوتر النفسى للاعبين، وكانت نصيحته دائماً لا كلام مع اللاعبين بعد أى مباراة سواء أكانت فوزاً أو هزيمة.
إذن مطلوب من مديرى الكرة الإداريين فى مصر كلهم «أهلى وزمالك وإسماعيلى» وبقية الأندية ألا يتحدثوا بعد المباراة لأن الإنسان يخطئ كثيراً وهو فى قمة انفعاله. طيب لو المدير الإدارى يركبه مائة عفريت، فالمدير الفنى سيركبه ألف عفريت وسنرى الجماهير تركبها مليون عفريت.
ولكن لماذا لا يثورون ويغضبون ويهبشون حكامنا المظلومين دائماً مادام لديهم لجنة مسابقات أميرة وطيبة وحنينة وتغير اللوائح فى أى وقت وكما تشاء، وتصدر فرامانات مضحكة مثل أنه مسموح بشمروخ واحد، والله حاجة تكسف!!
طيب ليه مش اثنين، طيب ليه أصلا فيه شماريخ طيب ليه وليه وليه.. ولماذا فيه شماريخ من أساسه، بصراحة قرارات المسابقات مضحكة، وربما لهذا الكابتن عدلى القيعى ترك اللجنة، وهرب إلى الجزيرة، حيث ناديه ليجلس فى هدوء ويشاهد ويراقب ما يحدث وأحلى حاجة فيه أنه لا يعلق ولو علق فالذكاء هو وسيلته فى الرد.
عزيزى القارئ..
مصر كلها ملهوفة على المستقبل وخايفة على مصر، بينما حبايبنا الحلوين ولا هم هنا، فالكرة عالم آخر، ويكفى أن مصر كلها تتغير أما كرة القدم فهى فى الطراوة.
لدينا الآن مرحلة اسمها مرحلة البلطجة، ولو ده ممكن فى أى شارع، الله يخليكم بلاش ملاعب الكرة الخضراء الجميلة.
حضراتكم فاكرين مقتل قيصر روما عندما رأى أن بين قتلته صديقه بروتس، فقال جملته الخالدة:
حتى إنته يا بروتس..
بصراحة عالم كرة القدم مملوء بالآلاف من إخونا بروتس هذا، من فضلك انظر حولك.
مشاعر
■ الدكتور أيمن أبوحديد.. وزير الزراعة.. بصراحة هذا الرجل يفرسنى أنا وآخرون.. منذ جلوسه على الكرسى وهو يتكلم كلاماً كبيراً، مثل أن مصر ستكتفى ذاتياً من القمح خلال سنتين.
وأخيراً قال إن هناك أخطاء جسيمة فى تحديد مسار ترعة السلام التى تصل لسيناء والتى صرفنا فيها مليارات.
أحذره بأننى أجمع كل تصريحاته، وأعده بأننى سأبلغ النيابة العامة بعد تركه المنصب إذا لم تتحقق كل تصريحاته.
■ الإعلامية هالة سرحان.. عادت وعاد معها الصخب الفنى والسياسى والحياة لنجوم السينما والتليفزيون الذين ينتظرونها بلهفة، حيث ملايين الأمير الوليد.. ترى هل طعم وحيوية هالة وإبداعها قبل الثورة ستستمر؟
■ المستشار عاصم الجوهرى، رئيس الكسب غير المشروع.. زاد احترام المصريين له، ليس بسبب جديته ونزاهته فى التحقيقات التى تجرى مع المسؤولين السابقين. سؤال هيكل عن مليارات مبارك ضربة معلم، ما قاله إن الشارع لن يوجه تحقيقاته، ومناشدته الإعلام ألا يقع فى غواية وإرضاء الرأى العام بناء على الظن.. كل هذا يؤكد شجاعة ونزاهة وعدالة القضاء المصرى.
■ الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل.. ضحكت كثيراً عندما قرأت ما قاله عن معلوماته بشأن مليارات الرئيس السابق فى الخارج أمام جهاز الكسب غير المشروع.. «إنه غير مسؤول عن عناوين الأهرام». وإن معلوماته من وكالات الأنباء.
■ د. رفيق حبيب.. الوافد الجديد القبطى المنضم إلى حزب الإخوان المسلمين، مبرراته فى الانضمام لم تقنع أحداً، واعتبرها البعض وسيلة للشهرة، والسؤال: متى سينسحب من الحزب؟ فى يوم، فى شهر، فى سنة.
■ شيكابالا نجم الزمالك، ما يتعرض له من هتافات وتشجيع وتلميع، وما يتعرض له من هجوم مبرر أو غير مبرر. يجعلنا نخسر لاعباً تحتاجه مصر. قد يصبح لاعباً عالمياً لو احترف فى الخارج.. كان الله فى عونه.
بدون مشاعر

الأفضل لمصر.. «شرف» القوى والمهاب أم «شرف» المحبوب؟

الذى يتابع النظم السياسية فى دول العالم، يكتشف أنه يندر أن تكون هناك حكومات يثق فيها شعبها، فعدم الثقة mistrust بين الشعوب وحكوماتها هو العامل الأساسى فى العلاقة بين الطرفين.
رأينا وشاهدنا وتابعنا كل ذلك فى كل الحكومات التى حكمت مصر، حتى الحكومات التى ترأسها الرئيسان عبدالناصر والسادات، لم يكن هناك رضا عن هذه الحكومات.

حضرات القراء..
على الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الحالى أن يشكر الله سبحانه وتعالى ألف شكر، وأن يسجد لله شكراً كل مساء قبل النوم، لأنه ربما الوحيد بين رؤساء الحكومات الذى يلقى قبولاً عاما، صحيح ليس رضا تاماً ولكنه رضا والرضا فى العلوم السياسية هو الشرعية، فشرعيته ليست بسبب قرارات تعيينه من المجلس العسكرى أو بسبب ذهابه لحلف اليمين فى ميدان التحرير، ولكن بسبب هذا الرضا الشعبى الذى يعيشه.
ومع ذلك ووسط كل ذلك يتعرض الرجل إلى بعض الهمز واللمز الموجه لشخصيته أو لأدائه هو وحكومته.

قالوا إنه ضعيف وحكومته ضعيفة، وإنها حكومة تدلع وتطبطب على الجميع، وإنه يبوس على رأس الجميع ليطيب خاطرهم وإنه يلبس قفازات بيضاء ناعمة بدلاً من قفازات الملاكمة التى يجب عليه أن يلبسها.
وقد يجرنا ذلك إلى سؤال عن شخصيات وزراء حكومته، هل هم من الصقور أم من الحمائم؟ هل هم وزراء سياسيون أم تكنوقراطيون، ناهيك عن حكاية أن متوسط العمر فوق الستين عاماً. وقد يدافع عنهم البعض قائلاً إنهم يعلمون أنهم حكومة مؤقتة.. بلاش حكومة تسيير الأعمال التى قد تغضب د. شرف كما أن عيونهم ليست على الأوراق أو المشروعات التى عليهم العمل فيها قدر ما عيونهم على أسلافهم المتكدسين فى ليمان طرة.

المسألة باختصار: أننا تعودنا على الحكام الأقوياء الفراعنة فى العصور القديمة والديكتاتوريين فى العصور الحديثة، ومع ذلك فشروطنا فى الرئيس القادم أن يكون محدود الذكاء Dull وضعيفا إلى حد ما وأن نقلل اختصاصاته، وهذه تركيبة لا تتماشى مع التاريخ المصرى، ومع طبيعة المصريين فى عشق الحكام الأقوياء.

عزيزى القارئ
والآن أصل بك إلى لب المقال، وذلك حتى لا تتوه منى، وتقول إنك لا تفهم ماذا أقصد.. ولكن قبلها دعنى أحدثك عن فيلسوف سياسى سيطر على نظم الحكم بأفكاره وهو ميكيافيللى فليس هناك فرق بين تفكيره وتفكيرنا، فهو صاحب المقولة الشهيرة التى قدمها لأمير فلورنسا التى تقول:
«من الأفضل أن تكون مهابا لا أن تكون محبوباً» it is better be feared than to be loved الرجل لم يقدم هذه النصيحة من فراغ، فبلده إيطاليا كان منقسماً إلى مدن تتصارع، وكان يتمنى أن تتوحد إيطاليا مثل فرنسا.. وكان يرى أن الحاكم المحبوب لن ينجح فى توحيد إيطاليا.
إذن مصر بها انقسامات سياسية من أحزاب وأطياف وحركات وجماعات، وبها انقسامات اجتماعية تظهر فى الفتنة الطائفية، ولدينا نسيج اجتماعى غير متماسك بين أغنياء قلة وفقراء كثر، ثم لدينا أفكار اقتصادية متصادمة بين تدخل الدولة أو آلية السوق.

مصر بها سلفية دينية وفيها كذلك سلفية سياسية، فهناك من يريدون العودة إلى فترة الزعيم عبدالناصر أو فترة السادات وهى عودة للماضى، وهناك من يريدون سلفية سياسية تعود بنا إلى الثلاثينيات، أو سلفية سياسية بعودة النظام البرلمانى الذى ساد فترة ما قبل الثورة.
ويتبقى سؤال أوجهه للدكتور شرف.. هل هو يؤمن بمقولة ميكيافيللى من ضرورة أن يكون مهاباً قوياً أو أنه يفضل أن يكون محبوباً؟ لأن مصر مجروحة وتحتاج هذه الرقة فى المعاملة.

صحيح الحب يفعل المعجزات، ولكن الأداء العاطفى لا يمكن أن يحل مشكلات فترة زمنية قدرها ثلاثون سنة، والمرحلة المقبلة تحتاج إلى شدة وقوة حتى نقضى على هذه البلطجة، وهذه الفوضى التى نمر بها الآن. د. شرف.. ما رأيك؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق